الأربعاء، 5 أبريل 2017

المهدي و المسيح المنتظران , مَن في خدمة مَن ؟

 لن يجد الباحث صعوبة كبيرة في سبر اغوار الاصول الميثولوجية لنشأة الولايات المتحدة الامريكية ولسياساتها الخارجية فليس اولها تبني ( اسرائيل ) ولا آخرها غزو العراق . ايضا وبسهولة اكبر يمكن السبر فيما يتعلق بالميثولوجيا الشيعية الفارسية التي تهيمن على المشروع الامبراطوري الايراني المؤمل الذي يرجوه رجالات ايران في المنطقة , ولذلك فما من داع مهم يستوجب الخوض في هذه الحقائق والبديهيات فبمجرد دخولنا محركات البحث سنغرق في بحور الوثائق والدراسات حول هذه القضية .
  ولكن مالذي يُفرق بين المشروعين ومالذي يجمع بينهما , تلك هي القضية الملتبسة على كثيرٍ من متتبعي طبيعة الاداء السياسي لكليهما إزاء بعضهما البعض وإزاء الاطراف الاخرى . هل انهما مشروعان متناقضان ام متحالفان متكاملان لاسباب تاريخية وميثولوجية ؟
  كان شعار الموت لامريكا واقتحام السفارة الامريكية في طهران بعد الثورة الخمينية وكذلك بعض المماحكات العسكرية في بعض مناطق النفوذ الخارجية الاثر الكبير في رسم صورة قشرية لطبيعة التوظيف السياسي المتبادل لهذا العداء التكتيكي , صورة تشبه الى حد كبير طبيعة الزي المذهبي الذي ترتديه السياسة القومية الفارسية , ففي كلا الحالتين فان العلاقة هي علاقة استمطاء الآخر وفي مثل هذا النوع من العلاقات لا تستطيع ان تميز جيدا طقوس العداء وطقوس الصداقة !! وهذا ما اكتسى به المنظر المثير للدهشة في المشهد السسياسي والعسكري في الشرق الاوسط بعد الهيمنة الايرانية المتكررة على كل المستجدات التي يخلفها التدخل الامريكي من احتلال وتدمير . 
  الأعداء ربما يوحدهم عدو آخر أو توحدهم الاهداف والطرق المشتركة لحين الوصول لمفترق الطرق الذي يبدوا في هذه العلاقة المركبة بعيد المكان .
  وبعيدا عن الحسابات التكتيكية والحسابات السياسية فهي بطبيعتها ذات قيمة متغيرة وغالبا ما تثير الغبار وتخفي خلف ستارهِ الحسابات ذات القيمة الثابتة والاستراتيجية فبمثل الطبيعة الميثولجية للاطراف الثلاثة "اسرائيل , امريكا , ايران " لا يمكن تجهال اسقاطات الاصول الميثلوجية على طبيعة العلاقات التي تربط بينها  . 
  أمريكا البروتوستانتية تؤمن بشدة بعودة المسيح لينشر العدل في العالم ويقضي على اعدائه ولكن لا يمكن ان تظهر عودة المسيح الا في الشرق وتحديدا في فلسطين وليس ذلك شرطا وحيدا فالشرط الاخر ان يتجمع اليهود فيها ويقيمون دولتهم وان يكونو عرضة للخطر فيقوم المسيح بانقاذهم باعتبارهم أمة مباركة وانهم سيحاربون الى جانبه من اجل عالم خالي من الظلم يسوده الخير والجمال , وبعد ان ينتصر فانهم سيقومون باتباعه والتحول الى البروتوستانتية !! 
  و بمثل هذا الترابط الوثيق والمثير تشير الميثولوجيا الشيعية بان المهدي المنتظر مخلص العالم لن يظهر إلا بعد ظهور المنتظر الأول ( المسيح ) وان ما يعجل ظهورهما هو انتشار الفوضى والقتل والفساد في منطقة الشرق الاوسط وهم يؤمنون كما يؤمن البروتستانت الانجيليين بان احداث الفوضى والقتل والفساد سيُعجل بظهور من ينتظرانهما وبالتالي فانه يعجل بسيادة العدل والخير والجمال على العالم و لهذا فان مساهمتهم في اذكاء كل ذلك هو عمل ضروري لاستعجال العدل والخير الغائبَين !!
  هذا التماثل في الاصول الدينية يفرض عليهما تعاونا مشتركا مهما قدموا انفسهم على انهم يتبادلون الكراهية . ومن يدري؟ فربما ذلك يكون صحيحا الا ان ما يجبرهما على التحالف والتكافل هو ان مَن ينتظرانهما ( المهدي والمسيح ) سيقاتلان اولاً عدو مشترك لهما ويقضيان عليه تماما وهو المسلمون (السنة) فالاصول الدينية الامريكية اليهودية تقول ان المسيح سيقاتل مع اليهود الاشرار المحيطين بالدولة اليهودية والاصول الدينية الشيعية تقول ان المهدي سيقاتل اولاً الكفار الذين دمروا الدولة العبيدية ( الفاطمية ) وذلك يعني المسلمين اتباع صلاح الدين الايوبي!! وهل هناك دغدغة اجمل من هذه للمشاعر الصليبية التي تتوقد جمرا تحت الرماد منذ قرون عديدة ؟ 
  ولكن الوجدان الايراني المتدثر بالتشيع والمتأصل جذورا في الفارسية الضاربة لا يمكن اخفاءه بسهولة ولا بد ان يفصح عن نفسه من حين لآخروها هو وزير خارجية ايران يذكر نظيره الامريكي السابق كيري : ان على اسرائيل ان تتعلم من التاريخ وان الفرس انقذوهم مرتين .
  هذا التصريح يدغدغ الميثولوجيا اليهودية ويذكرها بالسبي البابلي وتحالف الفرس القدماء مع اليهود وتدمير بابل ويقول لهم ايضا انكم تقولون في نبوءاتكم ان الجيش الذي سيدمر دولتكم سيهاجمكم من الشرق وبالنظر للتاريخ فقد كنا دائما حلفائكم ضد عدوكم القادم من الشرق . وفي الحقيقة فان اسرائيل وامريكا لم يخفَ عليهما ذلك يوما والا ما أمِنوا التمدد الايراني شرق اسرائيل بل ان الولايات المتحدة عمدت الى استخلاف ايران في كل منطقة احلتها في الشرق او تدخلت فيها سياسيا ناهيك منطقية الحديث السائد عن مشروع احاطة شمال اسرائيل بالشيعة من الجهة اللبنانية السورية , وهذا ما نشاهده اليوم من تهجير للسنة في الزبداني ومضايا .
  اسرائيل بالتأكيد لا تفكر ان تكون بروتوستانتية ولا مهدية صفوية لكنها ليست غبية لتقاتل هذه الفكرة بما ان هذه الفكرة تخدمها بشكل فعال !!
  و تبقى علاقة الاستمطاء المتابدل هي التي تحكم العلاقة الثلاثية بين امريكا وايران واسرائيل وان لحظة الصراع مؤجلة حتى يتم القضاء على عدوهم المشترك في الشرق الاوسط . فهل ستأتي هذه اللحظة ؟ أم ان لاهل المنطقة قولاً آخر ؟