الاثنين، 11 نوفمبر 2013

السيد المدفع



 لأننا نفتقد الى آليات حقيقية للتحكيم والاحتكام ولأننا متطرفون في رفض النتائج التي لا تضعنا في المقدمة فإننا مدمنون على التشكيك في نوايا الآخرين ومدمنون في تبادل الاتهام بالاقصائية ومدمنون على تبادل الادانة بالرجعية والتخلف والانحلال والكفر ومدمنون على اتخاذ المواقف واطلاقها على اساسٍ من الحب والكره والمواقف المسبقة المحملة بتاريخ أسود يعتقده الجميع في الجميع  واصلين بأنفسنا إلى محاولة سحق اللآخر ومحوه. ما نحتكم إليه في حياتنا السياسية هو الصراع , ولا شيء آخر غير الصراع, ولذلك فأن المدفع هو السيد الاعلى والمستفيد الأوحد من الثقافة السائدة.
  إذا كان التأريخ عند جميع الأمم هو مادة للدراسة والفهم واستخلاص الدروس فإن التأريخ لدينا محكمة لا تنتهي ولا تتوقف فيما تعيش الإدانة والعقاب والتظلم حياة أبدية لايمكن لأي فرد أو جماعة الخلاص من اعبائها الموروثة فكأنما الاجرام صفة جينية, ولا يمكن القضاء عليه إلا بالقضاء على سلالة من نظن فيه الإجرام , وينسحب ذلك على الضحية الذي يلبس ثوبها كصفة أبدية محتومة, وكأن الضحية لا يمكن أن تنجب إلا ضحية !! 
  إلى أي مدىً يمكننا أن نعيش حياة سياسية مرهونة بالمواقف المطلقة ؟ عندما ندرك أن الخلاص من قبضة الإدانة المطلقة التي تتمتع بسطوتها على عقولنا وعواطفنا هو أكثر ما نحتاج إلى تحقيقه فهذا يعني أننا وضعنا قدما أولى في طريق قاصدة واضحة المعالم ومجهزة بالعلامات الإرشادية.
  حتى ذلك الحين سيبقى المدفع ( السيد ) يعيش أزهى عصوره في التحكم بمفردات حياتنا اليومية, العامة والخاصة وسيبقى يطلق قذائفة بكل اتجاه دون الخشية من الحساب و العقاب في مجتمع تحكمه ثقافة القوة .