الأربعاء، 29 أبريل 2015

بين الشعب والقطيع , مات الملك عاش الملك !!

  بين مفردة الشعب أو الأمة ومفردة القطيع جسر طويل لم نهتدي إليه بعد , فذلك الراعي عليمٌ بطرق المراعي البعيدة عن رقبة الجسر الذي لا يريد لنا عبوره !!
قال لي احدهم : ان الشعوب تشبه في بعض أخلاقها أخلاق ما تأكل !! ونحن نأكل الخروف , الجمل , العجل , وفي النهاية ما نحن إلا قطعان يسهل سياساتها وخداعها وذبحها !

  يواصل الصديق حديثه .. القطيع , ربما هي المفردة الاقرب لواقع الحال أما مفردة الشعب أو الأمة فهي ابعد ما تكون عنه فالمرعى ( الاستقرار والامان والتجارة والزوجة والأولاد و المسكن ) هو اقصى اهتماماتنا وتطلعاتنا بما ان القطيع كبير والذبح مؤجل حسب القرعة !!

  ربما كان محقا صديقي العزيز في تصوراته الوجدانية التي تعبر عن مدى الألم الذي يعتصر دواخلنا كلما فكرنا بحال البلاد والعباد ووجدتني مضطراً لتعاطي المقارابات مع هذه الفكرة الساخرة المكتسية باللون الأسود فقلت في نفسي : ان من أهم صفات القطيع هي الغباء , فهل نحن اغبياء فعلاً ؟
لنعد الى جذور المشكلة , هل تستطيع اختيار معلمكَ ؟ هل تسطيع ان تبدي عدم قناعتك بما يقول ؟ انت لا تستطيع فعل اي من الامرين وهذا يعني ان امامك خيارا وحيدا إن اردت تعلم القراءة والكتابة , وهو أن تكون ذلك الأبله فاغرَ الفاه الذي يلقي فيه المعلم المُنَصّب لقيمات العلم .. أو يلقي فيه اشياء اخرى لا تعلمها !!

التلقين .. لا شك انه الطريق المؤدي لتحويل أمة الى قطيع خصوصا اذا ما ادركنا ان ما تعنيه صفة المعلم في بلادنا , فاضافة لجذورها التعليمية ومؤسستها تعني ايضا "مؤسسة الحكم" .. الاعلام .. واشياء اخرى .. وجميعنا عندما نكون في حضرتها نتحول الى ذلك الأبله فاغر الفاه !!

  ومن علامات غبائنا _ ولا اعرف كيف لنا تحمل غبائنا الواضح  _ ان نصفق للزعيم الراحل حتى موته او قلعه من الكرسي ولا نكتشف السوء الذي كان عليه حتى يأتي زعيم غيره والذي هو الآخر سنكتشف خطاياه _وياللغرابة_ بعد أن ياتي خليفته !!
هل هناك ثمة أوجه شبهٍ بيننا وبين القطيع الذي لايعلم شيء عن تغير الراعي موتا او استبدالاً ؟

  ها نحن معشر "المثقفين" نذهب بعد كل دعوة لصالات العرض الفنية , وهذه المرة نحمل رتبة مثقف خلعها علينا "المعلم" وهي في الحقيقة لاتعني اكثر من غبي مثقف لننفجر بالتصفيق كلما علق الفنان لوحة جديدة برغم قبح الوانها وبشاعتها فيما يخرج علينا "الرسام" بتوضيح مبهر ومقنع لتغيير الاسلوب والتجديد الحاصل !
ولماذا لايعيد الرسام الفاشل الكرّة في كل مرة ما دام "القطيع" عفوا اعتذر .. ما دام الجمهور "المثقف" يصفق في كل مرة ؟
للأسف , فجدار العرض طويل ولن يمتلئ باللواحات , لوحات ترفع ولوحات تعلق واخرى تحت التلميع تنتظر دورها في العرض ..
ونحن القطيع ..
مات الملك ..
عاش الملك ..